تواجه #الجامعة ال#لبنانية تحدي العودة الى الدراسة عبر #التعليم الحضوري لأربعة أيام في الأسبوع، وهو انطلق عملياً في كلياتها بعد القرار الذي اتخذه رئيسها الدكتور بسام بدران لاستعادة دورها وموقعها في التعليم العالي، وذلك على الرغم من الصعوبات المرتبطة بالموازنة وتلك المتعلقة بتأمين المصاريف التشغيلية والصيانة، ودفع رواتب المستخدمين والموظفين والمدربين والأساتذة المتفرغين والمتعاقدين. قرار العودة حضورياً إلى الجامعة استند إلى تقويم التجربة خلال السنوات الثلاث الماضية حيث تبين أن التعليم عن بعد لم يؤدّ وظيفته الكاملة ولا التعليم المدمج أيضاً، فيما أثرت الأوضاع المعيشية المزرية للكادر التعليمي بعد تهاوي قيمة الرواتب في اهتزاز العملية التعليمية والاكاديمية في الجامعة، فكان لا بد من إعادة النظر في الواقع الجامعي حيث أسهمت اعتمادات مالية جديدة وإن كانت متواضعة في إطلاق السنة الدراسية الجامعية.
تُركت الجامعة اللبنانية لأكثر من سنة بلا موازنة تمكنها من أن تؤدي وظيفتها الاكاديمية، حتى وصلت الأمور إلى هجرة عدد من أساتذتها المتخصصين إلى الخارج استمروا في التعليم عن بعد، وهم اليوم أمام مأزق البقاء في الدول التي استقروا فيها أو العودة إلى التعليم الحضوري في الجامعة، وهم مضطرون إلى حسم خياراتهم من دون أن يعني ذلك فك ارتباطهم بالمؤسسة أو شطب انتمائهم للجامعة. ذلك أن الهدف الاساسي من العودة هو استمرار الجامعة والحفاظ على مكانتها وقطع الطريق على محاولات قوى سياسية وطائفية في السلطة لا تريدها مؤسسة أكاديمية رفيعة المستوى بل للتنفيعات وتقاسم الحصص والتوظيف السياسي.
لا يستقيم التعليم الحضوري من دون موازنة مستقلة للجامعة، فإذا تُرك الامر للجمعيات والاحزاب والتبرعات غير المعروف مصدرها الحقيقي وأهدافه فستنزلق الجامعة الى الفوضى والارتهان لحسابات خاصة وغير أكاديمية. السنة الدراسية الطبيعية تنطلق بهمة أهلها وتضحياتهم، فأساتذتها درّسوا طلابهم في ظل أوضاع مزرية وصمدوا باللحم الحي في الوقت الذي كانت فيه الحكومة ترحّل ملفات الجامعة وتكسر طموحات أهلها، حتى باستعادة دور مجلسها عبر تعيين العمداء وكذلك رفض تخصيص موازنة مناسبة للجامعة تلبّي الحد الادنى من حاجاتها.
صمود الجامعة من إدارتها إلى أساتذتها أسهم في استعادة بعض التوازن. حصّلت رئاسة الجامعة موازنة مضاعفة واعتمادات مالية تسمح باستقرار التعليم وديمومته لمدة أشهر، ما يساعدها على مواجهة التحديات بحد أدنى من الإمكانات التي توفر المستلزمات الضرورية لاستمرار التعليم، فيما تنتظر الأحرام الجامعية والفروع تأمين مقوّمات التشغيل من ميزانيات وضعتها إدارة الجامعة ومساهمات من مؤسسات تابعة للدولة، فإن كان الاستمرار في التعليم خياراً حاسماً ولا بد منه يمكن التأقلم مع الأوضاع الاستثنائية، ولا داعي لأن يخرج البعض من أهل الجامعة لتسجيل الإعراب عن فخرهم بإجراء الامتحانات الشفهية للطلاب على ضوء الهواتف الخلوية، بسبب انقطاع الكهرباء ليلاً.
تستمر المعاناة في الجامعة، وهي تواجه تحدي الصمود والاستمرار في تعليم نصف طلاب لبنان. السنة الجامعية الحالية صعبة لكنها ليست مستحيلة، والدعم المطلوب لا يمكن أن يكون إلا من الدولة، ومن الجهات المانحة في تطوير المشاريع العلمية والاكاديمية والدراسات. أما التحدي الكبير، فيكمن في القدرة على تمرير السنة الدراسية برغم الانهيار في البلد. فالجامعة تستمر بإرادة أهلها رغم كل ما أصابها خلال السنوات الماضية، وصمودها يعري كل سياسات التوظيف والتنفيعات السلطوية إلى أن تحين الفرصة مجدداً لنهوضها.
المصدر: "النهار"
ابراهيم حيدر