"مثل ما ودعتوا تلاقوا"، هذه هي العبارة التي بتنا نسمعها كل يوم، مرارا وتكرارا. فأصبحت الهجرة نوعا من أنواع الهروب من الواقع الذي نعيشه، الهروب الى أحضان "الغربة".
وفي هذا الإطار، كشف الأب طوني خضرا، رئيس مؤسسة "لابورا" (Labora) المعنية برصد مشكلة الفقر والبطالة في حديث إذاعي،عن نسبة المهاجرين هذا العام، قائلا إن " 230 ألفا غادروا لبنان خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري بهدف الهجرة، والتي يقف في صدارة أسبابها عامل الطائفية."
وفي حديث خاص لموقع "الديار"، قال خضرا إننا "نشهد هذا العام ما لم يشهده لبنان من قبل. وفي الأرقام، 60% من المهاجرين هم مسيحيين، وبالنسبة الى الأعمار فمعظمهم بين الـ 16 والـ 39 عاما. "نزيفه ما حدا قاشعه". موضوع الهجرة ليس مزحة."
أسباب الهجرة معروفة، فأصبح هم كل مواطن لبناني تأمين "لقمة عيشه"، العيش في لبنان بكرامة، أن يعيش في مكان آمن لأننا "ننجو من الأحداث الأمنية بالصدف" ولكن "مش كل مرة بتسلم الجرّة".
قال الممثل اللبناني جورج خباز لموقع "الديار" إنني " لا أفكر بالهجرة. أذهب في رحلات الى الخارج كثيرا بهدف العمل كل فترة كي أبقى متمكنا "ماديا" ولكن مغادرة لبنان والبقاء في الخارج ليست فكرة واردة. أتمنى على كل من يفكر بالمغادرة وكل من هاجر أن تكون "هجرة مؤقتة" فقط، كي تمر هذه المرحلة".
وعما اذا كانت الأحداث الأمنية تؤثر على تفكيره بموضوع الهجرة، قال: "عشت في الخطر "من وقت ما خلقت". عشنا فترة الحرب "تحت القصف" ومرّينا بأزمنة صعبة جدا خصيصا آخر 15 عاما منذ اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وصولا الى حرب تموز مرورا بحرب "نهر البارد" وكل الأحداث التي مرّت. نحن كل الوقت كنا في "خطر"، لذا أعتقد أن المشكلة الأساسية ليست أمنية بل اقتصادية بالأخص عندما يفقد الإنسان الحد الأدنى من الأمور الحياتية اليومية المعيشية التي هي الدواء، الخبز، البنزين، المازوت،و كل ما هنالك من "أساسيات" يحتاجها المواطن كي يكمل، هنا يزداد الخوف."
وتابع: "أنا متعلّق بهذه الأرض جدا،مثل الشجرة "مشرش" فيها وعلى الصعيد الشخصي لن "أتشتت" ولكنني أتفهم جدا كل الشباب الخائفة على مستقبلها، وكل من لديه عائلة يريد أن يعيّشها بآمان".
وبأسلوبه الراقي القريب من القلب وابداعه الذي تربّينا عليه، توجه خباز برسالة الى كل من يفكّر بالهجرة، قائلا: "ما فيني قلك لا، ولا فيني قلك نعم." حقك أن تفكر بالهجرة ولكن اذا استطعت أن تصمد فاصمد، واذا لا حول ولا قوة، اتمنى عليك أن تفكر بالعودة. "فكّر انك تفل لترجع، فكّر انك تفل لتأسس" ولكن لبنان هو البلد الذي حضنك. لا يمكننا أن نقول أن لبنان لم يقدم لنا شيئا، نحن نريد أن نقدم له لأننا نحن من سيصنع التغيير ومن سيبني مجتمعا سليما "بذهنية مختلفة".
وكان هناك رأي لافت لبعض المواطنين الذين عادوا الى لبنان بعد "تجربة الغربة".
وقالت إحدى المواطنات لموقع "الديار": "حاولت أن أعيش في الخارج لكنني لم أتأقلم. كل الذين يريدون الهجرة لم يجربون شعور الغربة أنا متأكدة. الحياة في الخارج ليست بسهولة ما يظن البعض. ليس هناك أصعب من الإستيقاظ كل يوم في بلد لا يشبهك، في مكان أنت "غريبة أو مجرد زائرة فيه". ليس هناك بديل للبنان وأنا أقصد كل كلمة أقولها. رحلت الى أميركا لفترة 7 سنوات الى حين أنهيت دراستي وحزت على إجازة في "علم التغذية"، وسرعان ما نلت "الشهادة" عدت الى لبنان. ولن أستطيع وصف شعوري عندما وصلت الى مطار بيروت. مع كل الفوضى، شعرت بأنني "في المكان المناسب".
واعتبر مواطن آخر، أن "لبنان قضية"، مضيفا "عشت في الخارج وعدت في "نص الأزمة" لأكون جنب أهلي وأحبائي".
نقلًا عن مقال للصحافية كارلي دعيبس من موقع اللواء نُشر في 23 تشرين الاول